114
سورة
في القرآن
44
سورة تتحدث
عن الفرقان
6236
الآية
في القرآن
154
مقابل ذلك
يتحدث عن فرقان

 آلــة النبـــوة

النبـــــأ العظيــــــــــم

لبيان سر القرآن الكريم بقلم :

 الشريف علي الداني

 

بسم الله الرحمان الرحيم                                                                         

الحمد الله والصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين وعلى جميع الرسل و الأنبياء ومن تبعهم بإخلاص إلى يوم الدين

أما بعد:

الخلود بالروح والجسد للإنسان في الدنيا في شباب دائم على وجه الأرض موجود في كتاب الله وهو ممكن بروح الله التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالعمل الموصوف في كتاب الله أيضا قال عز وجل : ( وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون.)[سورة أل عمران الآية107] ( يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.) [سورة الأنفال الآية24]

ذلك كله وغيره لا يمكن الوصول إليه اليوم إلا بالعمل الصعب المنقذ الذي لا بد منه إذا أردنا الخلاص الأكبر وهو الذي حير الأولين والأخرين وما بلغوا نهايته القصوى أنها الصناعة الإلاهية والعلم الإلاهي من كتاب الله !

انهما المخرج الوحيد اليوم لأمة الإسلام ولكافة البشر من فتنة إبليس اللعين عدو الله و عدو البشر كافة

نداء إلى :

صنع الفرقان الذري

المسمى في كتب السيرة

آلة النبوة

وهو الساعة الموعودة في كتاب الله

التي من ورائها الوسيلة الكبرى إلى الله عز وجل

الروح الإلاهي الأعظم

منقذ العالم

قال عز وجل :  ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ) صدق الله العظيم [سورةالماءدة الآية35]

 

بسم الله الحمد لله لا قوة إلا بالله

لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك و له الحمد يحي و يميت و هو حي لا يموت. بيده الخير وهو على كل شيء قدير. أرسل رسوله محمدا بالحكمة و الفرقان رحمة للعالمين و أشهد أن عليا ولي الله و حجته العظمى على الظالمين و القاسطين . قاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله على تنزيله. صلوات الله و سلامه على محمد و على آله الطيبين الطاهرين و على جميع الأنبياء و المرسلين و من تبعهم بإخلاص إلى يوم الدين.

أما بعد: فنحن حزب الله المختار نحمل مشروع الحكمة القرآنية الأعظم و الفرقان الذري لكافة المسلمين,و هذا إنذار و تحذير أخير لأمة الإسلام  التي ظلت الطريق وأصبحت تعمل بعكس أوامر الله. فالواجب علينا اليوم قبل كل شيء أن نفهم الدين كما علمنا إياه ربنا عز وجل عن طريق جبريل عليه السلام وهو حديث معروف بحديث جبريل ونصه كما يلي :

قال أحد الصحابة : بينما نحن جلوسا عند رسول الله عليه السلام إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى رسول الله عليه السلام فاسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد : أخبرني عن الإسلام قال له عليه السلام : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ثم يصدقه ثم قال أخبرني عن الإيمان فقال عليه السلام : الإيمان أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسوله و تؤمن بالقضاء خيره و شره فقال له صدقت ثم قال له يا محمد أخبرني عني الإحسان فقال له عليه السلام : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك فقال له صدقت ثم قال له يا محمد أخبرني عن الساعة فقال له الرسول عليه السلام : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل إنما أنبئك عن أشراطها وهي أن تلد الأمة ربتها و أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان فقال صدقت ثم انصرف الرجل : فقال رسول الله عليه السلام اطلبوا الرجل فطلبوه فلم يجدوا له أثرا فقال عليه السلام ذاك جبريل جاء يعلمكم دينكم.)

والفهم الصحيح الذي لم يفهمه أحد من الأولين و الآخرين لهذا الحديث وهو كما يلي : الدين أربعةأمور إيمان و إسلام و إحسان ثم متى الساعة فأما الإيمان و الإسلام و الإحسان فهذه وسائل و أما الساعة فهي غاية. و الغاية هنا هي الأمر المهم و الخطير الذي لابد من معرفته قبل كل شيء ... لنضرب لذلك مثلا يصور الأمر تصويرا واضحا فنقول: إن الوسيلة نمثلها سلما و الغاية نمثلها عرجون تمر في رأس نخلة عالية .. لكن هذا التمر يختلف عن باقي التمور حيث إنه من يأكل منه تمرة واحدة يصير حيا لا يموت في شباب دائم ... إذا فلابد من اعتبار الإيمان و الإسلام و الإحسان وسيلة وسلما و الساعة الموعودة شجرة عالية من يصل إلى ثمرتها و يأكل منها ينال الحياة الأبدية ويصبح حيا لا يموت في شباب دائم .

فإذا عرفنا يا أبناء آدم هذا الطريق إلى الله و الغريب في الأمر هنا إن هذه الساعة الموعودة يصنعها الإنسان ويعملها بيده. وتلكم هي شجرة المعرفة. وان ليس للإنسان إلا ما سعى[سورةالنجم الآية39]' ...

إذا فهلموا لمعرفة الساعة الموعودة التي ثبت أنها ليست القيامة الأولى ولا الثانية. ولكنها هي الغاية. وهي آتية بغتة للمؤمنين. ومن عرف الغاية تهون عليه الوسيلة مهما صعبت. ومن خطب الحسناء لا يغله المهر كما يقال. ومن جهل الغاية في الإسلام ثقلت عليه التكاليف والعبادات مهما سهلت و ضاع.

قال عز وجل في آخر سورة الجاثية : ( و إذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلى ظنا و ما نحن بمستيقنين ...)

وأما الإيمان والإسلام والإحسان فهي و سائل وأمور معروفة خاض الناس فيها أكثر من ألف سنة أما نحن اليوم فإننا سنخوض في الساعة الموعودة في الكتاب العزيز التي طالما أنتظرها الأولون و اليوم نسيه الآخرون وكانوا عنها يتساءلون وهي النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ( كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ... يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون). ذلك اليوم الحق الذي سنخرج للناس فيه دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ...

تلكم هي القيامة الأولى التي يحشر الله فيها من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون. حتى إذا جاءوا خاطبهم الله من وراء حجابه الروح الإلاهي بواسطة الدابة التي هي روح الله قائلا ( أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ). ذلكم هو الروح وسيلة البشر إلى الله عز وجل... يخلق خلقا بأيد بشرية لكن بأسرار عظيمة وإرشاد كبير من كتاب الله عز وجل... وهذا أمر لا يكون لمخلوق إلا بإذن من الله .

لأن الله عز وجل يقول : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ). وهذا الخلق والتكوين يختلف في شكله ولونه عن خلق الله. وليس على طريقة الاستنساخ البشري المعمول بها والمعروفة الآن. إذا فلا بد من طلب الروح بآلة الفرقان الذري التي تصنع صنعا بأيد بشرية أيضا.

وهو الساعة الموعودة في كتاب الله. نحن اليوم بصدد الخوض في هذه الساعة التي يخلط الناس بينها وبين القيامة وقد ثبت أنها ليست القيامة الأولى ولا الثانية وإنما هي آلة النبوة وهي الفرقان الذري المخبوء في القرآن. فلننظر إذا التخيير الإلاهي العظيم الذي أعطاه الله لنا في القرآن إذا لم ننجز هذا المشروع الرباني العظيم.

قال عز وجل في سورة مريم (حتى إذا رأوا ما يوعدون أما العذاب و أما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ويزيد الله الذين اهتدوا هدى)

ومن هنا نستنتج أن الساعة هي آلة النبوة وهي الفرقان وهي زمان آلي متحرك يطوي الزمان طيا ويبعث الترب حيا جاء بها رسول الله عليه السلام وهي مخبوءة في القرآن وهي آلة تصنع وصنعت في عهد الفراعنة في زمن موسى وهارون وهي ولا شك الفرقان الذي أعطاه الله لموسى وهارون قال عز وجل : في سورة البقرة( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ).

ومن هنا استخرجنا اليوم ما نسميه :

مشروع الحكمة القرآنية الأعظم

لصنع آلة الفرقان الذري

المكنونة في كتاب الله لتكوين الجواهر الحية واستخراج سكينة التابوت

و إظهار الروح الإلاهي الأعظم

جسما ظاهر للعيان

لقاحا  ناجعا لخلود الإنسان بروحه وجسده في الدنيا

وسلاحا ماضيا لقتل الشيطان إبليس لعنه الله

عدو الله وعدو البشر كافة

فلننظر الآن يا أمة الإسلام كيف أمر الله عز وجل أمم العالم بإنجاز هذا المشروع الإلاهي الأعظم وكيف فشلوا في عمله وتمخض في النهاية لأمة الإسلام فهو في النهاية من نصيب المسلمين. وهذا الحديث صحيح رواه البخاري وغيره يوضح هذه الصورة وهذا العمل المشروع.

جاء في شرح قوله عز وجل آخر سورة الحديد: ( لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ).

قال البخاري رحمه الله : حدثني محمد بن العلا حدثني أبو أسامة عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس وإنما مثل المسلمين واليهود والنصارى (مع الله عز وجل)... بل قال :  ( مثل اليهود مع الله عز وجل كمثل رجل استعمل قوما يعملون له عملا إلى الليل على أجر معلوم فعملوا إلى نصف النهار وقالوا لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل فقال لهم لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم و خذوا أجركم كاملا فأبوا وتركوا فاستأجر قوما آخرين (هم النصارى) فقال لهم أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر.. فعملوا حتى إذا كان حين صلوا العصر قالوا ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه. فقال أكملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهاري شيء يسير.. فأبوافاستأجر قوما آخرين هم (المسلمون) أن يعملوا له بقية يومهم حتى تغيب الشمس فاستكملوا أجر الفرقين كليها... فذلك مثلهم ومثل قبلوا من هذا النور.)

انتهى الحديث الشريف.  وقد ورد بروايات أخرى مختلفة فراجعوه.

هذا المشروع الإلاهي وهذا هو حظ أمة الإسلام منه فهم الذين سيفوزون بثمار شجرة الخلد ويصلون إلى الحياة الأبدية والخلود في الدنيا بالروح والجسد بعد نجاز مشروع الفرقان الذري والوصول به إلى الغاية القصوى الروح الإلاهي الأعظم منقذ العالم بإذن الله. قيل إن موسى عليه السلام قال: يا رب من هي الأمة التي تقوم على رأسها الساعة. ومعنى ذلك بلغة العصر من الأمة التي سينجز ويتم عندها مشروع الفرقان إلى غايته القصوى فقال الله يا موسى هم أمة محمد : فقال موسى يا رب اجعلني منهم فقال الله يا موسى إنك منهم .. إذا فنحن أحق بموسى من اليهود. فنحن المسلمين اليوم حملة المشروع الإلاهي الفرقان الذري ومعنا ذخيرة الأنبياء روح الله.

 

وهذه بطاقة هوية من كتاب الله           

للفرقان الذري المسمى في كتب السيرة آلة النبوة وهي آلة حوت علم الأولين و الآخرين تطوى الزمان طيا وتبعث الترب حيا. وتلكم هي الساعة الموعودة في القرآن الآتية لا ريب فيها بغتة بقرار من الله رغم أنف الجاحدين و الغاية من مجيئها إنقاذ البشرية كافة بإذن الله من فتنة الشيطان وحزب الشيطان الذين ساموا أبناء آدم سوء العذاب خلال الفترة التي عاشها البشر من عمر الدنيا على وجه الأرض.

فلعن الله من ألف الفتنة ولم يلعن دعاتها../.

يا أمة الإسلام في المشرق والمغرب

إن الله قد اختاركم لأمر عظيم جدا هو نجاز مشروع الحكمة الأعظم الذي جاء به كل نبي ورسول وولي مصلح لأمته ليدلهم على الله وعلى الوسيلة الكبرى إلى الله عز وجل فكان من الأمم أن كذبت وكان من الله أن أهلك المكذبين والكافرين ...

وما أنجز هذا المشروع إلا في حضارة الفراعنة بنبوة يوسف. فإنهم بقيادة موسى وهارون صنعوا آلة النبوة هذه واستخدموها واستخرجوا منها العجب العجاب وتلكم هي الجواهر الحية التسعة والروح الملكي سكينة التابوت وذلكم هو الفرقان الذي أعطاه الله لموسى مع التورات قال الله عز وجل : ( وإذ آتينا موسى  الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون...)   [سورةالبقرة الآية53]

إلا إن اليهود ذهلوا بالوسيلة الصغرى سكينة التابوت التي استخرجوها من ساحة فرقان موسى وهارون كما ذهلوا بالعجل الذي أخرجه السامري. فلم يتموا العمل الذي أمرهم الله به إلى النهاية القصوى وسقطوا دون الوصول إلى الغاية العليا التي هي الروح الإلاهي لقاح الحياة الأبدية والوسيلة الكبرى إلى الله عز وجل.

وجاءنا رسولنا عليه السلام بالعلم كاملا في القرآن وعلمه لخاصته ولأهل الصفة. وأسس لنا دولة لنجاز مشروع الفرقان, لكن المسلمين في الماضي وفي الحاضر أيضا تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وتنازعوا على الحكم والسلطان وقتلوا أئمة الحكمة القرآنية من آل البيت وأعلنوا العصيان وضاع واختفى بين أولئك وهؤلاء أعظم كنز في الدنيا وهو مشروع الفرقان وصنع آلة النبوة../.

وأصبحت أمة الإسلام أمما متفرقة والخلافة الإسلامية ملكا عضوضا منقسما وأصبحت العبادات عادات ليس لها غايات والإسلام اسما خاليا من المضمون وأصبح القرآن حبرا على ورق غير مفهوم وحل بالأمة بلاء عظيم جدا ليس له في تاريخ البشر مثيل وكان من هذا البلاء العظيم لأمة العرب الحظ الأوفر حتى قال قائل منهم اتفق العرب على أن لا يتفقوا. وأصبحت الأمة بأكملها على ضلال لا يرجى لها بعده هداية أبدا وعمهم جميعا فساد واستعمار لا يرجى لهم بعده صلاح وخلاص أبدا. ودواءهم وشفاءهم الوحيد الذي يعيد إليهم الحياة بعد هذا الموت المرعب هو كتاب الله القرآن والفرقان الذري آلة النبوة المخبوءة في القرآن ../.

والفرقان الذري آلة مكنونة في القرآن هو سيد الآلات أظهره الله اليوم في عصر الآلة ليكون للناس أية وعبرة وهو آلة النبوة سماه الله فرقانا لأنه بمياهه وأشعته الذرية يفرق من خبث المعادن والجواهر ما لا يتفرق أبدا ويألّف كذلك ما لا يأتلف أبدا... وهو زمان آلي متحرك حوى علم الأولين والآخرين صنع في ضل الحضارة الفرعونية بإرشاد من الكتب السماوية وعمل هندسي كبير من لدن سيدنا يوسف عليه السلام قام به في السجن ... وقد جاء في الأخبار أن سيدنا يوسف عليه السلام عاش مع فرعون موسى عشرين سنة وكان أخ فرعون واسمه الوليد صديقا لسيدنا يوسف وبذلك قام مشروع الفرقان عند فرعون قبل أن يأتي موسى إلا أن سيدنا موسى عليه السلام بوصفه ابنا لفرعون وتربى في قصره. وأخوه   هارون كان وزيرا عند فرعون استطاع موسى عليه السلام أن يبتني لنفسه فرقانا جديدا في صحراء سينا كما جاء في هذا النص من كتب اليهود المكتومة حيث يقول : هرب موسى من الآلة المصرية إلى الصحراء أين ركز آلته الجديدة السفينة المقدسة والتابوت المحمول ويمنح شعبه تنظيما دينيا وعسكريا../.

هذا هو الفرقان الذري الذي أعطاه الله لموسى وهارون لكن الله عز وجل بفضله ورحمته ادخر جوهرته الكبرى وغايته العليا سره المكنون وكنزه المصون روح الله الذي يحمل لقاح الحياة الأبدية والخلود في الدنيا بالروح والجسد لعباده الصالحين من كل أمة ( وإنه لعلم للساعة يبرئ الأكمىه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله.)  قال عز وجل : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون.)[سورةالأنبياء الآية"105]

أولئك هم الوارثون الذين يرثون الأرض إرثا أبديا و أولئك هم أمة محمد عليه السلام وذلكم هو روح الله المجسم وتلكم هي الساعة التي طالما سأل عن موعد قيامها و إرساء قواعد بنيانها الأولون وكانوا عليها للرسل يقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين. قال عليه الصلاة السلام  : (إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقوم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه.)

و لا تعليق على هذا الحديث بعد أن ظهر من خلاله ان الساعة هي غير القيامة. بحيث إنها تكون قائمة في الناس و حياة الناس عادية.

أما قوله عليه السلام : ( إذا كانت الساعة تقوم و في يد أحدكم فسيلة فان استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل .)

و هذا أيضا يدل دلالة واضحة قاطعة على أن الساعة غير القيامة الأولى و لا الثانية. و الشرح كما يلي : الفسيلة هي الغرس الصغير من النخل و هي لا تثمر إلا بعد خمسة سنوات من غرسها فمن قبيل العبث غرسها يوم القيامة الأولى أو الثانية لان الناس يومئذ في شغل كبير من أنفسهم من شدة ما يرونه من الهول العظيم. فغرسهم الشجر أو النخل يكون عبثا محضا و حاشا لرسول الله أن يأمر بالعبث في ذالك اليوم.

و الصواب أن الفسيلة هنا إذا قامت الساعة و هي مشروع الفرقان لا بد من غرسها. لان الحاجة بها لا زالت قائمة و لا يمكن للبشر أن يستغني عنها بعد ظهور روح الله من ساحة الفرقان. و روح الله هذا لا يظهر من ساحة الفرقان إلا بعد ثمانية أو تسعة أعوام من العمل المتواصل ... إذا فهذه أربع سنوات نحتاج فيها إلى ثمر الفسيلة .

إذا فلا بد للمسلم اليوم أن يعرف ما هي الساعة وليست الساعة يا أمة الإسلام إلا آلة النبوة الفرقان الذري والدليل القاطع على ذلك الواضح من الحديث أن القيامة الصغرى أو الكبرى إذا جاءتا يكون الناس يومئذ في شغل كبير بأنفسهم من شدة ما يرونه من الهول الأكبر والبلاء الأعظم فلا مجال فيه للشجر والغراسة خاصة إذا علمنا أن الفسيلة لا تثمر إلا بعد خمس سنوات من غرسها . فغرسها يوم القيامة إذا يصبح من قبيل العبث وحاشا لرسول الله عليه السلام أن يأمرنا بالعبث .أما غرسها عند قيام الساعة فهذا أمر مطلوب ومعقول...صدق عليه السلام هذا. وللساعة أشراط وعلامات :

فأما العلامات فقد ظهرت في الأرض والسماوات . مثل الآوبئة والزلازل و الحروب والمجاعات والهرج والقتل وطلوع المذنبات والخسوفات المتعددة والكسوفات وسكنى الرعاة الحفاة العراة الغرف والعمارات...

وأما الأشراط فقد توفرت الآن بعد ظهور الثورة الصناعية الكبرى على وجه الأرض: إذ زلزل الإنسان بالمتفجرات زلزالها واخرج بالعمل من بطنها أثقالها وطحن بالدواليب الثقيلة في المصانع رمالها وغير بالصناعة أحوالها وأثار فيها ثورة صناعية كبرى ذات أطوار طور للنفط وطور للطاقة ومن قبلهما طور كبير للفحم والبخار بها نسف جبالها وصيرها بالنفط على الطرقات بعد الصنع تسير وفي البحر والجو تبحر و تطير. ونشر المصانع في الأقطار نشرا ومد الطاقة في المدن والأمصار مدا. فظهرت من ذلك الآليات والشروط والأدوات من المطرقة والمنقبة إلى المخرطة والمفرزة وظهرت الحاسبات والربوات على اختلافها والمحسوبات والإلكترونيات. فطوبى لمن سخر هذه الإمكانيات والقدرات لصنع آلة النبوة الفرقان الذري الساعة الموعودة في كتاب الله. ولولا الديانات السماوية ما ظهرت على وجه الأرض حضارات ولا قامت للتقدم البشري قائمة أصلا. 

والساعة زمان آلي متحرك عظيمة الأفلاك كثيرة الِشباك قدورها تفور وأفلاكها تدور. على أسباطها واد مقدس وبحر من العلم القديم وفي موزعات أمرها مواقع النجوم التي أقسم الله بها في القرآن وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. السحب  في فلكها ثقال والبرق والرعد في محيطها زلزال والوقت المنطوي في سيره بقوة خلالها فعال كأنه سيوف ماضية قاطعة يديرها بقوة محرك الآجال فما حجب الله أمة السلام عن هذا العلم والعمل الشريف الجليل إلا بذنوبها وسيئات أعمالها.

فلو رجعوا إلى الله بصدق لأطلق سراح اكفهم من الأغلال وأزال قوى الشر المعترضة طريقهم وكره إليهم الشغل بالهذيان والقيل و القال. فيفهموا بالعمل الصحيح موضوعها وينجزوا بالعمل القوي مشروعها... حتى إذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها لا نقول ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين... وقد ظهر فينا خبرها بغتة ورجع بغتة ولا ندري ما الله فاعل بعد ذلك ../.

اللهم سخرنا لصنع أفلاكها ونظم شباكها لنوقد في بواطن أقباسها النارا وندير على لوحاتها الأزرارا. ونحرك بالعلم دواليبها تحريكا يجعلها متواصلة الحركة ليلا ونهارا حتى تطوى مراحل عملها الطويل في بضع سنين... ويرى الناس من آياتها الكبرى الأسرار والأخبار. والأوامر الصادرة من منصة القيادة الكبرى بالفلك الأعظم من ربان الفلك الأعظم للعاملين. حتى يقول القوم أن جاء الأمر وفار التنور وتغلي القدور ويعلو شهيق وزفير وتصير بحور من مياه حية في قدور راسيات بخارا صاعدا وجبال من معادن شتى في جيوش من كيزان الحديد هباء منبثا كالعهن المنفوش نفشا والقطن الممشوط مشطا بعد أن نشويها شويا و ننضحها نضحا ونسحقها سحقا و نحرقها بدأ وعودا ونثيرها بالنفخ سحبا ونضغطها بالفتل الملولب ضغطا عاليا جدا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ رضا عليها من الحجب المتداخلة تسعة عشر حجابا كلها على المزاليق متراكبة طبقا عن طبق ذوات أسنان.

ونصرف أحداث الفرقان عامة واتصالاته الفلكية بالأفلاك النفاثات سما الصافات صفا المرسلات عرفا النازعات غرقا والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا على   مزاليق الفولا ذ جريا والعاديات ضبحا فالموريات قدحا من ازندة الكهرباء ونبضات الشموع... تصريفا كتصريف الرياح آيات مفصلات يظهر من تلاقها مزنا ويخرج من ذرتها شمسا ومن ضروب المحال على البشر نظم حركاتها وأوقاتها بمحرك وأحد في اللحظة والآن بعمل مصعد الخفض والرفع والدوران ... فإذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا مسترسلا متواصلا متلاحقا يتفجر في جوف الفلك الأعظم شمسا وقمرا ونجوما كل لطلعته عمل و سلطان... ومن ذلك يتفجر نظام وجدول للزمان .

هذا زمان تكون عن زمان أول قد انتشر بالأسباط في ساحة الفرقان .يشاهد العالم فيه كيزان الحديد جندا جردا اكتيبة خرساء لا نحصيها عدا. ينحدر عن فلكها الأعظم السيل ولا يرقى إليه الطير كأن قضبان النحاس المنتشرة خلاله أجنحة من أغصان وكأن الأفلاك المرتكزة بين الأسباط الإثنى عشرة المتقطعة في أرضه أمما سبطا سبطا فصائل للزمان فصلا فصلا وشهرا شهرا ويوما يوما وساعة ودرجة ودقيقة وثانية وثالثة .جميعها بروج متناظرة ذات اليمين وذات الشمال ... تتحرك فيها الكواكب وتسير وتلكم هي أجنحة الفرقان ../.

هذا وصف عام لآلة النبوة المحمدية كما ورد في القرآن. وأما وصف التكوين وصفة التركيب والجمع والتفريق والتكليس للمعادن والامتحان .. والتزويج والطلاق للجواهر الحية والمقادير والأوزان والقبض والبسط والتغذية والتطهير والتبييض والتسويد في المراحل والأطوار . والحل والعقد والإماتة والبعث بالسم المقدس والحجر الأصفر ومياه النيسان. لطوله وكثرته فلا داعي لذكره في هذا المكان .

هذا مفتاح باب التكوين الذي تدور عليه آيات القرآن وأفلاك الفرقان... وخلق الإنسان هو المحور الذي تدور عليه أفلاك الفرقان وآيات القرآن . (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق). هذه أول ما نزل من القرآن. خلق الإنسان من علق ومن عجل وفي كبد تشيب من هول مشقته الولدان . من معادن ونبات وحيوانات... فصائلها من ضدين لا يجتمعان وصنفين لا يتحدان وطبعين لا يأتلفان وجنسين لا يلتقيان... ومنها أيضا جواهر مختلفة الألوان والناشئات حية تسعى بالحياة لها أغذية متجددة وأقوات. وصفها الله في كتابه جل ذكره ( ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث). جاءت في الرمز الإلاهي : ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما أشملت عليه أرحام الأنثيين . نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ومن الإبل أثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين . أم كنتم شهداء إذا وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين.) [سورةالأنعام الآية143-144]...

هذه أغذية وأجنحة للجواهر تتجدد . فإذا عرفتموها خذوها وحولوها عن طبعها تحويلا بالرحى والحرق والنضح والتبريد مرارا متكررة حتى يصير كل واحد منهما كثيبا مهيلا. ثم أدخلوهما إلى العمل من أوله واتخذوا منهما للجواهر الحية غذاء مأكولا يشربونهما على الحر بحر شجرة الزقوم هنا ويبرد الكافور والزنجبيل هناك حتى يقولوا في كل طور ومرحلة هذا الذي رزقنا من قبل وأوتوا به متشابها مقبولا ../.

( للحديث صلة )

الإمضاء:

أبو محمد الشريف علي الداني

 الشريف علي الداني

النبـــــأ العظيــــــــــم

لبيان سر القرآن الكريم بقلم :

الشريف علي الداني

 

بسم الله الرحما الرحيم                                                                       

الحمد الله والصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين وعلى جميع الرسل و الأنبياء ومن تبعهم بإخلاص إلى يوم الدين

أما بعد:

الخلود بالروح والجسد للإنسان في الدنيا في شباب دائم على وجه الأرض موجود في كتاب الله وهو ممكن بروح الله التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالعمل الموصوف في كتاب الله أيضا قال عز وجل : ( وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون.)[سورة أل عمران الآية107] ( يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.) [سورة الأنفال الآية24]

ذلك كله وغيره لا يمكن الوصول إليه اليوم إلا بالعمل الصعب المنقذ الذي لا بد منه إذا أردنا الخلاص الأكبر وهو الذي حير الأولين والأخرين وما بلغوا نهايته القصوى أنها الصناعة الإلاهية والعلم الإلاهي من كتاب الله !

انهما المخرج الوحيد اليوم لأمة الإسلام ولكافة البشر من فتنة إبليس اللعين عدو الله و عدو البشر كافة

نداء إلى :

صنع الفرقان الذري

المسمى في كتب السيرة

آلة النبوة

وهو الساعة الموعودة في كتاب الله

التي من ورائها الوسيلة الكبرى إلى الله عز وجل

الروح الإلاهي الأعظم

منقذ العالم

قال عز وجل :  ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ) صدق الله العظيم [سورةالماءدة الآية35]

 

بسم الله الحمد لله لا قوة إلا بالله

لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك و له الحمد يحي و يميت و هو حي لا يموت. بيده الخير وهو على كل شيء قدير. أرسل رسوله محمدا بالحكمة و الفرقان رحمة للعالمين و أشهد أن عليا ولي الله و حجته العظمى على الظالمين و القاسطين . قاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله على تنزيله. صلوات الله و سلامه على محمد و على آله الطيبين الطاهرين و على جميع الأنبياء و المرسلين و من تبعهم بإخلاص إلى يوم الدين.

أما بعد: فنحن حزب الله المختار نحمل مشروع الحكمة القرآنية الأعظم و الفرقان الذري لكافة المسلمين,و هذا إنذار و تحذير أخير لأمة الإسلام  التي ظلت الطريق وأصبحت تعمل بعكس أوامر الله. فالواجب علينا اليوم قبل كل شيء أن نفهم الدين كما علمنا إياه ربنا عز وجل عن طريق جبريل عليه السلام وهو حديث معروف بحديث جبريل ونصه كما يلي :

قال أحد الصحابة : بينما نحن جلوسا عند رسول الله عليه السلام إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى رسول الله عليه السلام فاسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد : أخبرني عن الإسلام قال له عليه السلام : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ثم يصدقه ثم قال أخبرني عن الإيمان فقال عليه السلام : الإيمان أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسوله و تؤمن بالقضاء خيره و شره فقال له صدقت ثم قال له يا محمد أخبرني عني الإحسان فقال له عليه السلام : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك فقال له صدقت ثم قال له يا محمد أخبرني عن الساعة فقال له الرسول عليه السلام : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل إنما أنبئك عن أشراطها وهي أن تلد الأمة ربتها و أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان فقال صدقت ثم انصرف الرجل : فقال رسول الله عليه السلام اطلبوا الرجل فطلبوه فلم يجدوا له أثرا فقال عليه السلام ذاك جبريل جاء يعلمكم دينكم.)

والفهم الصحيح الذي لم يفهمه أحد من الأولين و الآخرين لهذا الحديث وهو كما يلي : الدين أربعةأمور إيمان و إسلام و إحسان ثم متى الساعة فأما الإيمان و الإسلام و الإحسان فهذه وسائل و أما الساعة فهي غاية. و الغاية هنا هي الأمر المهم و الخطير الذي لابد من معرفته قبل كل شيء ... لنضرب لذلك مثلا يصور الأمر تصويرا واضحا فنقول: إن الوسيلة نمثلها سلما و الغاية نمثلها عرجون تمر في رأس نخلة عالية .. لكن هذا التمر يختلف عن باقي التمور حيث إنه من يأكل منه تمرة واحدة يصير حيا لا يموت في شباب دائم ... إذا فلابد من اعتبار الإيمان و الإسلام و الإحسان وسيلة وسلما و الساعة الموعودة شجرة عالية من يصل إلى ثمرتها و يأكل منها ينال الحياة الأبدية ويصبح حيا لا يموت في شباب دائم .

فإذا عرفنا يا أبناء آدم هذا الطريق إلى الله و الغريب في الأمر هنا إن هذه الساعة الموعودة يصنعها الإنسان ويعملها بيده. وتلكم هي شجرة المعرفة. وان ليس للإنسان إلا ما سعى[سورةالنجم الآية39]' ...

إذا فهلموا لمعرفة الساعة الموعودة التي ثبت أنها ليست القيامة الأولى ولا الثانية. ولكنها هي الغاية. وهي آتية بغتة للمؤمنين. ومن عرف الغاية تهون عليه الوسيلة مهما صعبت. ومن خطب الحسناء لا يغله المهر كما يقال. ومن جهل الغاية في الإسلام ثقلت عليه التكاليف والعبادات مهما سهلت و ضاع.

قال عز وجل في آخر سورة الجاثية : ( و إذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلى ظنا و ما نحن بمستيقنين ...)

وأما الإيمان والإسلام والإحسان فهي و سائل وأمور معروفة خاض الناس فيها أكثر من ألف سنة أما نحن اليوم فإننا سنخوض في الساعة الموعودة في الكتاب العزيز التي طالما أنتظرها الأولون و اليوم نسيه الآخرون وكانوا عنها يتساءلون وهي النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ( كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ... يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون). ذلك اليوم الحق الذي سنخرج للناس فيه دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ...

تلكم هي القيامة الأولى التي يحشر الله فيها من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون. حتى إذا جاءوا خاطبهم الله من وراء حجابه الروح الإلاهي بواسطة الدابة التي هي روح الله قائلا ( أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ). ذلكم هو الروح وسيلة البشر إلى الله عز وجل... يخلق خلقا بأيد بشرية لكن بأسرار عظيمة وإرشاد كبير من كتاب الله عز وجل... وهذا أمر لا يكون لمخلوق إلا بإذن من الله .

لأن الله عز وجل يقول : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ). وهذا الخلق والتكوين يختلف في شكله ولونه عن خلق الله. وليس على طريقة الاستنساخ البشري المعمول بها والمعروفة الآن. إذا فلا بد من طلب الروح بآلة الفرقان الذري التي تصنع صنعا بأيد بشرية أيضا.

وهو الساعة الموعودة في كتاب الله. نحن اليوم بصدد الخوض في هذه الساعة التي يخلط الناس بينها وبين القيامة وقد ثبت أنها ليست القيامة الأولى ولا الثانية وإنما هي آلة النبوة وهي الفرقان الذري المخبوء في القرآن. فلننظر إذا التخيير الإلاهي العظيم الذي أعطاه الله لنا في القرآن إذا لم ننجز هذا المشروع الرباني العظيم.

قال عز وجل في سورة مريم (حتى إذا رأوا ما يوعدون أما العذاب و أما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ويزيد الله الذين اهتدوا هدى)

ومن هنا نستنتج أن الساعة هي آلة النبوة وهي الفرقان وهي زمان آلي متحرك يطوي الزمان طيا ويبعث الترب حيا جاء بها رسول الله عليه السلام وهي مخبوءة في القرآن وهي آلة تصنع وصنعت في عهد الفراعنة في زمن موسى وهارون وهي ولا شك الفرقان الذي أعطاه الله لموسى وهارون قال عز وجل : في سورة البقرة( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ).

ومن هنا استخرجنا اليوم ما نسميه :

مشروع الحكمة القرآنية الأعظم

لصنع آلة الفرقان الذري

المكنونة في كتاب الله لتكوين الجواهر الحية واستخراج سكينة التابوت

و إظهار الروح الإلاهي الأعظم

جسما ظاهر للعيان

لقاحا  ناجعا لخلود الإنسان بروحه وجسده في الدنيا

وسلاحا ماضيا لقتل الشيطان إبليس لعنه الله

عدو الله وعدو البشر كافة

فلننظر الآن يا أمة الإسلام كيف أمر الله عز وجل أمم العالم بإنجاز هذا المشروع الإلاهي الأعظم وكيف فشلوا في عمله وتمخض في النهاية لأمة الإسلام فهو في النهاية من نصيب المسلمين. وهذا الحديث صحيح رواه البخاري وغيره يوضح هذه الصورة وهذا العمل المشروع.

جاء في شرح قوله عز وجل آخر سورة الحديد: ( لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ).

قال البخاري رحمه الله : حدثني محمد بن العلا حدثني أبو أسامة عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس وإنما مثل المسلمين واليهود والنصارى (مع الله عز وجل)... بل قال :  ( مثل اليهود مع الله عز وجل كمثل رجل استعمل قوما يعملون له عملا إلى الليل على أجر معلوم فعملوا إلى نصف النهار وقالوا لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل فقال لهم لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم و خذوا أجركم كاملا فأبوا وتركوا فاستأجر قوما آخرين (هم النصارى) فقال لهم أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر.. فعملوا حتى إذا كان حين صلوا العصر قالوا ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه. فقال أكملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهاري شيء يسير.. فأبوافاستأجر قوما آخرين هم (المسلمون) أن يعملوا له بقية يومهم حتى تغيب الشمس فاستكملوا أجر الفرقين كليها... فذلك مثلهم ومثل قبلوا من هذا النور.)

انتهى الحديث الشريف.  وقد ورد بروايات أخرى مختلفة فراجعوه.

هذا المشروع الإلاهي وهذا هو حظ أمة الإسلام منه فهم الذين سيفوزون بثمار شجرة الخلد ويصلون إلى الحياة الأبدية والخلود في الدنيا بالروح والجسد بعد نجاز مشروع الفرقان الذري والوصول به إلى الغاية القصوى الروح الإلاهي الأعظم منقذ العالم بإذن الله. قيل إن موسى عليه السلام قال: يا رب من هي الأمة التي تقوم على رأسها الساعة. ومعنى ذلك بلغة العصر من الأمة التي سينجز ويتم عندها مشروع الفرقان إلى غايته القصوى فقال الله يا موسى هم أمة محمد : فقال موسى يا رب اجعلني منهم فقال الله يا موسى إنك منهم .. إذا فنحن أحق بموسى من اليهود. فنحن المسلمين اليوم حملة المشروع الإلاهي الفرقان الذري ومعنا ذخيرة الأنبياء روح الله.

 

وهذه بطاقة هوية من كتاب الله           

للفرقان الذري المسمى في كتب السيرة آلة النبوة وهي آلة حوت علم الأولين و الآخرين تطوى الزمان طيا وتبعث الترب حيا. وتلكم هي الساعة الموعودة في القرآن الآتية لا ريب فيها بغتة بقرار من الله رغم أنف الجاحدين و الغاية من مجيئها إنقاذ البشرية كافة بإذن الله من فتنة الشيطان وحزب الشيطان الذين ساموا أبناء آدم سوء العذاب خلال الفترة التي عاشها البشر من عمر الدنيا على وجه الأرض.

فلعن الله من ألف الفتنة ولم يلعن دعاتها../.

يا أمة الإسلام في المشرق والمغرب

إن الله قد اختاركم لأمر عظيم جدا هو نجاز مشروع الحكمة الأعظم الذي جاء به كل نبي ورسول وولي مصلح لأمته ليدلهم على الله وعلى الوسيلة الكبرى إلى الله عز وجل فكان من الأمم أن كذبت وكان من الله أن أهلك المكذبين والكافرين ...

وما أنجز هذا المشروع إلا في حضارة الفراعنة بنبوة يوسف. فإنهم بقيادة موسى وهارون صنعوا آلة النبوة هذه واستخدموها واستخرجوا منها العجب العجاب وتلكم هي الجواهر الحية التسعة والروح الملكي سكينة التابوت وذلكم هو الفرقان الذي أعطاه الله لموسى مع التورات قال الله عز وجل : ( وإذ آتينا موسى  الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون...)   [سورةالبقرة الآية53]

إلا إن اليهود ذهلوا بالوسيلة الصغرى سكينة التابوت التي استخرجوها من ساحة فرقان موسى وهارون كما ذهلوا بالعجل الذي أخرجه السامري. فلم يتموا العمل الذي أمرهم الله به إلى النهاية القصوى وسقطوا دون الوصول إلى الغاية العليا التي هي الروح الإلاهي لقاح الحياة الأبدية والوسيلة الكبرى إلى الله عز وجل.

وجاءنا رسولنا عليه السلام بالعلم كاملا في القرآن وعلمه لخاصته ولأهل الصفة. وأسس لنا دولة لنجاز مشروع الفرقان, لكن المسلمين في الماضي وفي الحاضر أيضا تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وتنازعوا على الحكم والسلطان وقتلوا أئمة الحكمة القرآنية من آل البيت وأعلنوا العصيان وضاع واختفى بين أولئك وهؤلاء أعظم كنز في الدنيا وهو مشروع الفرقان وصنع آلة النبوة../.

وأصبحت أمة الإسلام أمما متفرقة والخلافة الإسلامية ملكا عضوضا منقسما وأصبحت العبادات عادات ليس لها غايات والإسلام اسما خاليا من المضمون وأصبح القرآن حبرا على ورق غير مفهوم وحل بالأمة بلاء عظيم جدا ليس له في تاريخ البشر مثيل وكان من هذا البلاء العظيم لأمة العرب الحظ الأوفر حتى قال قائل منهم اتفق العرب على أن لا يتفقوا. وأصبحت الأمة بأكملها على ضلال لا يرجى لها بعده هداية أبدا وعمهم جميعا فساد واستعمار لا يرجى لهم بعده صلاح وخلاص أبدا. ودواءهم وشفاءهم الوحيد الذي يعيد إليهم الحياة بعد هذا الموت المرعب هو كتاب الله القرآن والفرقان الذري آلة النبوة المخبوءة في القرآن ../.

والفرقان الذري آلة مكنونة في القرآن هو سيد الآلات أظهره الله اليوم في عصر الآلة ليكون للناس أية وعبرة وهو آلة النبوة سماه الله فرقانا لأنه بمياهه وأشعته الذرية يفرق من خبث المعادن والجواهر ما لا يتفرق أبدا ويألّف كذلك ما لا يأتلف أبدا... وهو زمان آلي متحرك حوى علم الأولين والآخرين صنع في ضل الحضارة الفرعونية بإرشاد من الكتب السماوية وعمل هندسي كبير من لدن سيدنا يوسف عليه السلام قام به في السجن ... وقد جاء في الأخبار أن سيدنا يوسف عليه السلام عاش مع فرعون موسى عشرين سنة وكان أخ فرعون واسمه الوليد صديقا لسيدنا يوسف وبذلك قام مشروع الفرقان عند فرعون قبل أن يأتي موسى إلا أن سيدنا موسى عليه السلام بوصفه ابنا لفرعون وتربى في قصره. وأخوه   هارون كان وزيرا عند فرعون استطاع موسى عليه السلام أن يبتني لنفسه فرقانا جديدا في صحراء سينا كما جاء في هذا النص من كتب اليهود المكتومة حيث يقول : هرب موسى من الآلة المصرية إلى الصحراء أين ركز آلته الجديدة السفينة المقدسة والتابوت المحمول ويمنح شعبه تنظيما دينيا وعسكريا../.

هذا هو الفرقان الذري الذي أعطاه الله لموسى وهارون لكن الله عز وجل بفضله ورحمته ادخر جوهرته الكبرى وغايته العليا سره المكنون وكنزه المصون روح الله الذي يحمل لقاح الحياة الأبدية والخلود في الدنيا بالروح والجسد لعباده الصالحين من كل أمة ( وإنه لعلم للساعة يبرئ الأكمىه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله.)  قال عز وجل : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون.)[سورةالأنبياء الآية"105]

أولئك هم الوارثون الذين يرثون الأرض إرثا أبديا و أولئك هم أمة محمد عليه السلام وذلكم هو روح الله المجسم وتلكم هي الساعة التي طالما سأل عن موعد قيامها و إرساء قواعد بنيانها الأولون وكانوا عليها للرسل يقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين. قال عليه الصلاة السلام  : (إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقوم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه.)

و لا تعليق على هذا الحديث بعد أن ظهر من خلاله ان الساعة هي غير القيامة. بحيث إنها تكون قائمة في الناس و حياة الناس عادية.

أما قوله عليه السلام : ( إذا كانت الساعة تقوم و في يد أحدكم فسيلة فان استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل .)

و هذا أيضا يدل دلالة واضحة قاطعة على أن الساعة غير القيامة الأولى و لا الثانية. و الشرح كما يلي : الفسيلة هي الغرس الصغير من النخل و هي لا تثمر إلا بعد خمسة سنوات من غرسها فمن قبيل العبث غرسها يوم القيامة الأولى أو الثانية لان الناس يومئذ في شغل كبير من أنفسهم من شدة ما يرونه من الهول العظيم. فغرسهم الشجر أو النخل يكون عبثا محضا و حاشا لرسول الله أن يأمر بالعبث في ذالك اليوم.

و الصواب أن الفسيلة هنا إذا قامت الساعة و هي مشروع الفرقان لا بد من غرسها. لان الحاجة بها لا زالت قائمة و لا يمكن للبشر أن يستغني عنها بعد ظهور روح الله من ساحة الفرقان. و روح الله هذا لا يظهر من ساحة الفرقان إلا بعد ثمانية أو تسعة أعوام من العمل المتواصل ... إذا فهذه أربع سنوات نحتاج فيها إلى ثمر الفسيلة .

إذا فلا بد للمسلم اليوم أن يعرف ما هي الساعة وليست الساعة يا أمة الإسلام إلا آلة النبوة الفرقان الذري والدليل القاطع على ذلك الواضح من الحديث أن القيامة الصغرى أو الكبرى إذا جاءتا يكون الناس يومئذ في شغل كبير بأنفسهم من شدة ما يرونه من الهول الأكبر والبلاء الأعظم فلا مجال فيه للشجر والغراسة خاصة إذا علمنا أن الفسيلة لا تثمر إلا بعد خمس سنوات من غرسها . فغرسها يوم القيامة إذا يصبح من قبيل العبث وحاشا لرسول الله عليه السلام أن يأمرنا بالعبث .أما غرسها عند قيام الساعة فهذا أمر مطلوب ومعقول...صدق عليه السلام هذا. وللساعة أشراط وعلامات :

فأما العلامات فقد ظهرت في الأرض والسماوات . مثل الآوبئة والزلازل و الحروب والمجاعات والهرج والقتل وطلوع المذنبات والخسوفات المتعددة والكسوفات وسكنى الرعاة الحفاة العراة الغرف والعمارات...

وأما الأشراط فقد توفرت الآن بعد ظهور الثورة الصناعية الكبرى على وجه الأرض: إذ زلزل الإنسان بالمتفجرات زلزالها واخرج بالعمل من بطنها أثقالها وطحن بالدواليب الثقيلة في المصانع رمالها وغير بالصناعة أحوالها وأثار فيها ثورة صناعية كبرى ذات أطوار طور للنفط وطور للطاقة ومن قبلهما طور كبير للفحم والبخار بها نسف جبالها وصيرها بالنفط على الطرقات بعد الصنع تسير وفي البحر والجو تبحر و تطير. ونشر المصانع في الأقطار نشرا ومد الطاقة في المدن والأمصار مدا. فظهرت من ذلك الآليات والشروط والأدوات من المطرقة والمنقبة إلى المخرطة والمفرزة وظهرت الحاسبات والربوات على اختلافها والمحسوبات والإلكترونيات. فطوبى لمن سخر هذه الإمكانيات والقدرات لصنع آلة النبوة الفرقان الذري الساعة الموعودة في كتاب الله. ولولا الديانات السماوية ما ظهرت على وجه الأرض حضارات ولا قامت للتقدم البشري قائمة أصلا. 

والساعة زمان آلي متحرك عظيمة الأفلاك كثيرة الِشباك قدورها تفور وأفلاكها تدور. على أسباطها واد مقدس وبحر من العلم القديم وفي موزعات أمرها مواقع النجوم التي أقسم الله بها في القرآن وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. السحب  في فلكها ثقال والبرق والرعد في محيطها زلزال والوقت المنطوي في سيره بقوة خلالها فعال كأنه سيوف ماضية قاطعة يديرها بقوة محرك الآجال فما حجب الله أمة السلام عن هذا العلم والعمل الشريف الجليل إلا بذنوبها وسيئات أعمالها.

فلو رجعوا إلى الله بصدق لأطلق سراح اكفهم من الأغلال وأزال قوى الشر المعترضة طريقهم وكره إليهم الشغل بالهذيان والقيل و القال. فيفهموا بالعمل الصحيح موضوعها وينجزوا بالعمل القوي مشروعها... حتى إذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها لا نقول ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين... وقد ظهر فينا خبرها بغتة ورجع بغتة ولا ندري ما الله فاعل بعد ذلك ../.

اللهم سخرنا لصنع أفلاكها ونظم شباكها لنوقد في بواطن أقباسها النارا وندير على لوحاتها الأزرارا. ونحرك بالعلم دواليبها تحريكا يجعلها متواصلة الحركة ليلا ونهارا حتى تطوى مراحل عملها الطويل في بضع سنين... ويرى الناس من آياتها الكبرى الأسرار والأخبار. والأوامر الصادرة من منصة القيادة الكبرى بالفلك الأعظم من ربان الفلك الأعظم للعاملين. حتى يقول القوم أن جاء الأمر وفار التنور وتغلي القدور ويعلو شهيق وزفير وتصير بحور من مياه حية في قدور راسيات بخارا صاعدا وجبال من معادن شتى في جيوش من كيزان الحديد هباء منبثا كالعهن المنفوش نفشا والقطن الممشوط مشطا بعد أن نشويها شويا و ننضحها نضحا ونسحقها سحقا و نحرقها بدأ وعودا ونثيرها بالنفخ سحبا ونضغطها بالفتل الملولب ضغطا عاليا جدا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ رضا عليها من الحجب المتداخلة تسعة عشر حجابا كلها على المزاليق متراكبة طبقا عن طبق ذوات أسنان.

ونصرف أحداث الفرقان عامة واتصالاته الفلكية بالأفلاك النفاثات سما الصافات صفا المرسلات عرفا النازعات غرقا والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا على   مزاليق الفولا ذ جريا والعاديات ضبحا فالموريات قدحا من ازندة الكهرباء ونبضات الشموع... تصريفا كتصريف الرياح آيات مفصلات يظهر من تلاقها مزنا ويخرج من ذرتها شمسا ومن ضروب المحال على البشر نظم حركاتها وأوقاتها بمحرك وأحد في اللحظة والآن بعمل مصعد الخفض والرفع والدوران ... فإذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا مسترسلا متواصلا متلاحقا يتفجر في جوف الفلك الأعظم شمسا وقمرا ونجوما كل لطلعته عمل و سلطان... ومن ذلك يتفجر نظام وجدول للزمان .

هذا زمان تكون عن زمان أول قد انتشر بالأسباط في ساحة الفرقان .يشاهد العالم فيه كيزان الحديد جندا جردا اكتيبة خرساء لا نحصيها عدا. ينحدر عن فلكها الأعظم السيل ولا يرقى إليه الطير كأن قضبان النحاس المنتشرة خلاله أجنحة من أغصان وكأن الأفلاك المرتكزة بين الأسباط الإثنى عشرة المتقطعة في أرضه أمما سبطا سبطا فصائل للزمان فصلا فصلا وشهرا شهرا ويوما يوما وساعة ودرجة ودقيقة وثانية وثالثة .جميعها بروج متناظرة ذات اليمين وذات الشمال ... تتحرك فيها الكواكب وتسير وتلكم هي أجنحة الفرقان ../.

هذا وصف عام لآلة النبوة المحمدية كما ورد في القرآن. وأما وصف التكوين وصفة التركيب والجمع والتفريق والتكليس للمعادن والامتحان .. والتزويج والطلاق للجواهر الحية والمقادير والأوزان والقبض والبسط والتغذية والتطهير والتبييض والتسويد في المراحل والأطوار . والحل والعقد والإماتة والبعث بالسم المقدس والحجر الأصفر ومياه النيسان. لطوله وكثرته فلا داعي لذكره في هذا المكان .

هذا مفتاح باب التكوين الذي تدور عليه آيات القرآن وأفلاك الفرقان... وخلق الإنسان هو المحور الذي تدور عليه أفلاك الفرقان وآيات القرآن . (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق). هذه أول ما نزل من القرآن. خلق الإنسان من علق ومن عجل وفي كبد تشيب من هول مشقته الولدان . من معادن ونبات وحيوانات... فصائلها من ضدين لا يجتمعان وصنفين لا يتحدان وطبعين لا يأتلفان وجنسين لا يلتقيان... ومنها أيضا جواهر مختلفة الألوان والناشئات حية تسعى بالحياة لها أغذية متجددة وأقوات. وصفها الله في كتابه جل ذكره ( ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث). جاءت في الرمز الإلاهي : ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما أشملت عليه أرحام الأنثيين . نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ومن الإبل أثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين . أم كنتم شهداء إذا وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين.) [سورةالأنعام الآية143-144]...

هذه أغذية وأجنحة للجواهر تتجدد . فإذا عرفتموها خذوها وحولوها عن طبعها تحويلا بالرحى والحرق والنضح والتبريد مرارا متكررة حتى يصير كل واحد منهما كثيبا مهيلا. ثم أدخلوهما إلى العمل من أوله واتخذوا منهما للجواهر الحية غذاء مأكولا يشربونهما على الحر بحر شجرة الزقوم هنا ويبرد الكافور والزنجبيل هناك حتى يقولوا في كل طور ومرحلة هذا الذي رزقنا من قبل وأوتوا به متشابها مقبولا ../.

( للحديث صلة )

الإمضاء:

أبو محمد الشريف علي الداني

الشريف علي الداني